لأجلك يا سوريا

"لكل إنسان متحضر في هذا العالم وطنان؛ وطنه الأم وسوريا'______ أندريه بارو

"Every person has two homelands...His own and Syria"______AndreParrot

2004/04/10

تجربة

لطالما سألت نفسي عن الطواغيت و المستبدين كيف لهم الإستمرار في كرسي الحكم ؟ هل هم عبارة عن مخلوقات تختلف عن البشر أي انها لا تتأثر بضربة السيف ؟ أم ماذا ؟ بالطبع هناك الحاشية و كم عددها و ما نسبتها بالنسبة الى الشعب

في الدورة العسكرية التي لابد أن نجتازها في خدمة الجيش على أساس أنها تدريب كان هناك ما يسمى المتقدمين أي الطلاب المتطوعين و كان القانون أعلى رتبة منا حسب القانون العسكري و كان علينا أن نقدم لهم التحية و ننفذ اوامرهم مثلهم مثل مدير الكلية اي أنه يجب احترام التراتبية العسكرية
كانو أصغر عمرا و خريجي ثانوية لا غير و أغلبهم ناجحين بالمساعدة فكانوا يمارسون علينا كل أنواع التسلطية على أساس انهم أعلى رتبة و لديهم مسؤولية اتجاه تدريبنا لنخشوشن و نصبح ابطال صناديد فيغالون في تسلطهم و تبرز عقد الفارق الفكري و الثقافي كوننا جامعيين فيقولونها صراحة ( انتم جامعيين فلترنا شهاداتكم كيف ستفيدكم ) و يجتهدون الوسائل لاذلالنا
لم يعجبني هذا الوضع فصرت أتمرد و لا أنفذ الأوامر فكانو يعربدون و يتوعدون و ارسل الى سجن الكلية كل يوم تقريبا الى أن وصل مجموع العقوبات من تحت رأسهم الى إضافة مدة تعادل ضعف مدة خدمتي الأصلية التي مدتها سنة ونصف فقط اي اصبحت ثلاث سنوات و طبعا شعري لم تنبت له حشيشة طوال فترة الدورة

كان رفاقي مستغربين من تصرفاتي فكيف لي أن أعارض القوانين العسكرية فهذا قانون و يجب احترامه فكان جوابي أنه لو اقتصر الأمر على القانون لكنت أول من اتبعه أما و أن يتم تجاوزه و أعاقب بناء عليه فهذه قمة المهزلة

و جاء وقت كانوا يرسلوني الى مهجعي وقت العقوبات كي لا يتأثر الباقي من عدم الإنصياع للأوامر بحجج معينة دون لفت النظر كيلا يتشجع البقية و اصبحت احسد على وضعي و صار من يقول ان لدي واسطة و آخر يقول أنني اشتريت الضباط الى آخر ما هنالك من تبريرات مع أن ما حدث حدث أمام أعينهم و لكن ظل هناك من لا تصله الفكرة و من وصلته يخاف على كم شعرة في رأسه و لا يريد عقوبات زيادة الخدمة فيحجم عن العصيان مع العلم أنهم كانوا ينالون من شعرهم كلما سنحت الفرصة اي لأصغر هفوة (:

مثالي قد يسخر منه الكثير و لكني أعتبره تجربة عملية مصغرة لما يحدث في الدائرة الأكبر

الجهل و الخوف يا سادة هو من يعطي الطواغيت قوتها يراهنون عليها و دائما هم الفائزون

قلت لأحدهم لما أنت واثق من خطوتك في الطغيان
كان جوابه الناس غنم عليك فقد ابراز العصا لها و ستصير الأمور بيدك
قلت ماذا لو تمرد أحدهم
قال سأجعله صنم خوفهم
فقلت ماذا لو اصبح شهيدا
قال لن أمكنه و ان صار سأعمل على زيادة الجرعة تجعل الشهادة مذمة
فقلت و لكنه يكون قد ارتاح منك
فقال سيبقى هناك من امارس عليه جبروتي فهم من يعطوني حق الطغيان


فليحيا كاليجولا و من بعده كل الطواغيت و لتسقط الشعوب التي ارتضت ذلها و مهانتها


المقال كاملا »